للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأحاديث تدلُّ على أنَّ جهنَّم تُسْجَر عند الاستواء (١)، وتتنفَّس في الصَّيف (٢)، أي: ما بعد ذلك حتى يُقبِل الفيءُ.

وإذا تقرَّر ذلك فحضورُ المُصَلِّين في المسجد لا يمنع من الإبْراد.

وقد يُجاب عن هذا بالحديث الذي رواه أبو داود (٣)، وفيه: «إنَّ جهنَّم تُسجَرُ إلَّا يوم الجمعة»؛ [ص ٧] وكأنَّ الفرق ــ والله أعلم ــ أنَّ السَّجرَ أي: الإيقاد من فعل الملائكة عن أمر الله تعالى، فهو ظاهرٌ في تجلّي العَذَاب، بخِلاف التنفُّس فإنَّه من جِهة النَّار، فكان عدم السَّجر في يوم الجُمعة أنسب من عدم التنفُّس.

ويؤيِّده قيام الدَّليل على عدم كراهية الصَّلاة يوم الجمعة عند الاستواء. وهو يدلُّ على انتفاء العِلَّة أو معارضتها بأقوى منها، كعِظَم تجلِّي الرَّحمة يوم الجمعة على المجمِّعين.

والجواب: أنَّنا نُسلِّمُ عدمَ السَّجْر يوم الجمعة لما ذكرتم، وأمَّا التنفُّس فالظَّاهر أنَّها تتنفَّس يوم الجمعة كتنفُّسها في سائر الأيام، لأن في حديث «الصحيحين»: «فإنَّ شِدَّة الحَرِّ من فَيحِ جهنَّم» الحديث.

ومن المحسوس أنَّ الحَرَّ في يوم الجمعة لا يَخِفُّ عن الأيَّام التي قبله وبعده، بل هو موجودٌ فيه كما فيها، وهو من فَيْحِ جهنَّم بالنَّصِّ.


(١) كما في حديث عمرو بن عبسة المذكور، وفي حديث أبي هريرة الذي أخرجه ابن ماجه (١٢٥٢). قال البوصيري: إسناده حسن.
(٢) كما في حديث أبي هريرة الذي أخرجه الترمذي (٢٥٩٢) وصححه.
(٣) رقم (١٠٨٣). قال أبو داود: هو مرسل؛ مجاهد أكبر من أبي الخليل، وأبو الخليل لم يسمع من أبي قتادة.