للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ركعتين. ثم دخل الجمعةَ الثانية ورسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - على المنبر، فدعاه، فأمره. ثم دخل الجمعةَ الثالثة، فأمره أن يصلِّي ركعتين، ثم قال: «تصدقوا» ففعلوا، فأعطاه ثوبين ممَّا تصدَّقوا، ثم قال: «تصدَّقوا»، فألقى أحد ثوبَيْهِ، فانتهره رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وكرِهَ ما صَنَع. ثم قال: «انظروا إلى هذا! فإنَّه دخل المسجد في هيئةٍ بذَّةٍ، فدعوتُه، فرجوتُ أن تُعطوا له، فتصدَّقوا عليه وتَكْسُوه، فلم تفعلوا، فقُلت: تصدَّقوا فتصدَّقوا، فأعطيتُه ثوبين ممَّا تصدَّقوا، ثم قلت: تصدَّقوا، فألقى أحدَ ثوبيه. خُذْ ثوبك»، وانتهره.

وظاهره: أنَّ الأمرَ بالصدقة وإعطاء سُليك الثَوْبَيْن وإلقاءه أحدهما كان في المرَّة الثالثة. ورواية الشافعي (١) تُخالف ذلك، فراجِعْها.

والمقصود بيان خطأ من ظنَّ أنَّ المراد: أصلَّيتَ قبل أنْ تجيء.

[ص ٢٠] الوجه الثاني: أنَّه قد يقال: سلَّمنا أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وآله وسلم - رآه حين دخل المسجد، ولكن جوَّز أن يكون قد جاء قبل ذلك، وإنَّما خرج إلى باب المسجد لحاجةٍ كأن يتنخَّم، ثم عاد. فبناءً على ذلك التجويز سأله هل صلَّى؟

الوجه الثالث: أن يُقَال: سَلَّمْنا أنَّ النَّبي صلَّى اللهُ عليه وسلم رآه حين دخل المسجد، وأنَّه لم يُجوِّز أن يكون قد جاء قبل ذلك، ولكنَّا نقول: إن قوله: «أصَلَّيْتَ» ليس للاستفهام الحقيقي، وإنَّما هو بمعنى الأمر، كما في قوله سبحانه وتعالى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا} [آل عمران: ٢٠]. والمعنى: وقل للَّذين أوتوا الكتاب والأميين:


(١) في «الأم» (٢/ ٤٠٠)، فسياقها يدل على أن ذلك في المرة الثانية.