للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليدفعوا أن يكون ما أمر به عمر بدعةً، كما يدلُّ عليه قول كثيرٍ منهم: إنما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الاستمرار على إقامتها جماعةً في المسجد لمانعٍ، وهو خشية أن تُفْرضَ، وبموته - صلى الله عليه وسلم - زال هذا المانع.

وإذا ثبت أن الحكم مشروعٌ، وتُرِك في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لمانعٍ؛ فإنه إذا زال المانع بعده لم يكن العمل بذلك الحكم بدعة.

وستعلم قريبًا ــ إن شاء الله تعالى ــ ما يغني عنه في دفع البدعة.

وقد أخرج الإمام أحمد في "مسنده" (١) رواية أبي سلمة من طرقٍ، ثم أخرج (٢) من طريق ابن إسحاق: "حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: كان الناسُ يصلّون في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان بالليل أوزاعًا، يكون مع الرجل شيء من القرآن فيكون معه النفرُ الخمسةُ أو الستة، أو أقلُّ من ذلك أو أكثر، فيصلُّون بصلاته. قالت: فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلةً من ذلك أن أَنصِبَ له حصيرًا على باب حجرتي، ففعلتُ، فخرج إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن صلَّى العشاء الآخرة. قالت: فاجتمع إليه مَن في المسجد، فصلَّى بهم ... فقال: "أيّها الناس! أما والله ما بِتُّ ــ والحمد لله ــ ليلتي هذه غافلًا، وما خفي عليّ مكانكم، ولكني تخوَّفْتُ أن يُفتَرض عليكم، فاكْلَفُوا من الأعمال ما تُطِيقون ... ".

في النفس شيء من هذه الرواية؛ قصةُ الأوزاع لم أجدها في شيء من


(١) (٦/ ٦١، ٢٤١، ٣٦، ٧٣، ١٠٤).
(٢) (٦/ ٢٦٧).