للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استشكالُ الخطابيّ مبنيّ على أن كلمة "لا يُبدَّل القول لديَّ" قُصِد بها القضاء على معنى قوله: "هن خمس" بأنه لا يُغيَّر في المستقبل.

ويردُّه أن عقب هذه الجملة في الحديث نفسه: "فرجعتُ إلى موسى، فقال: راجِعْ ربك، فقلت: استحييتُ من ربّي".

ولو كان معنى (١) ما تقدم إخبارَ الله عزَّ وجلَّ بأنّ مقدار الخمس لا يتبدَّل في المستقبل؛ لعلم موسى أنه لم يبقَ موضعٌ للمراجعة، ولأجاب محمد بما يُفْهِم ذلك، ولم يقتصر على قوله: "استحييتُ من ربّي".

فإن قيل: لعل في الكلام تقديمًا وتأخيرًا، كما تُشْعِر به بعض الروايات الأخرى، ولعلّ محمدًا لم يخبر موسى بما يدلّ على امتناع التغيير، وقصد محمد أنه يمنعه الاستحياء، حتى على فرض عدم إخبار الله عزَّ وجلَّ بأنه لن يقع تغيير، أو لعلّهما فهما أن المراد أنه لن يقع تغيير بالزيادة، وجوَّزا أن يقع تغيير بالنقصان.

قلت: هذا كلّه تمحُّلٌ لا مُلجِئ إليه، ولم أر في الروايات الأخرى ما يصح الاستناد إليه في زعم أن هناك (٢) تقديمًا وتأخيرًا ينفع الخطّابيّ.

وتجويزُ أن يكون محمد أخفى عن موسى خبرَ الله عزَّ وجلَّ بعدم التغيير، فلمّا أمره بالمراجعة أجاب بما أجاب به= تجويزٌ ركيك، لا يخلو عن شناعةٍ يجب تنزيه النبي - صلى الله عليه وسلم - عنها.


(١) في النسخة اليمنية: "ولولا".
(٢) في اليمنية: "في القضاء على أن في هذه" بدلًا في زعم أن هناك.