للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتجويزُ أن يكونا فهما أن عدم التغيير يختصّ بالزيادةِ ركيكٌ أيضًا. وربما يكون أقرب منه أن يفهم أن المراد عدم التغيير بالنقصان، وذلك أنه سبحانه سُئل التخفيف فخفّف، ثم سُئل فخفّف، مرارًا، ثم قال: "هن خمس، وهي خمسون، لا يُبدَّل القول لديَّ".

فلو كان المراد أن مقدار الخمس لن يُغيَّر بعد ذلك لقَرُب أن يُفْهَم منه المنع عن سؤال التخفيف بعد ذلك، وأنه لن يكون تخفيف.

فإن قيل: فإذا لم يتوجه قوله: "لا يبدَّل القول لديّ" إلى قوله: "هن خمس" فإلى ماذا يتوجّه؟

قلت: قيل بتوجُّهه إلى قوله: "وهي خمسون"، وهذا قريب؛ لأن قوله "وهي خمسون" وَعْدٌ منه تعالى بأن يُثيِب على الخمس ثواب خمسين.

وقوله: "لا يبدّل القول لديّ" قد عُرِفَ من كتاب الله عزَّ وجلَّ توجّهه إلى الوعد، ونحوه.

قال تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [يونس: ٦٤].

وقال سبحانه: {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (٢٨) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [ق: ٢٨، ٢٩].

[ص ١٣] وفي "تفسير ابن جرير" (ج ١١ ص ٨٨) (١): "وأما قوله: {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ}؛ فإن معناه: لا خُلْفَ لوعده، ولا تغييرَ لقوله عمّا قال".


(١) (١٢/ ٢٢٥) ط. التركي.