للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرسول منه أنها خمسون عملًا؛ ليترتَّب على هذا الفهم أولًا: أن يعزم الرسول على أن يعمل هو وأمّته خمسين إن لم يخفّف الله عزَّ وجلَّ، وثانيًا: المراجعة.

وبذلك العزم استحق الرسول وأمّته ــ بفضل الله وكرمه ــ ثواب الخمسين.

فأمّا حكمة المراجعة فقد أفاض فيها الشرّاح.

وإذْ كان المحطوط في علم الله خمسًا وأربعين (١)، فقد حطّ في ضمنها جميع الأعداد الداخلة فيها.

والإخبارُ بحطِّ الأقل لا ينفي حطَّ الأكثر؛ فإن العدد لا مفهوم له عند جمهور الأصوليين، ولو كان له مفهوم فظاهرٌ ضعيفٌ غير مرادٍ، كالإخبار أوَّلًا بخمسين وظاهره أنها خمسون عملًا.

وتأخير البيان عن وقت الخطاب جائز على الصحيح، وإنما الممتنع تأخيره عن وقت الحاجة.

وقريب من هذا قصة إبراهيم عليه السلام في ذبح ابنه. قال الله عزَّ وجلَّ: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (١٠٦) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: ١٠٢ ــ ١٠٧].


(١) في اليمنية: "وإذ حطت الخمس والأربعون".