للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشروعٌ عندها كلّها، بل يجمع العبادات المختلفة المشروعة فيها؛ إذ المطلوب بتلك العبادات هو ما يُطلَب بالدعاء من رضوان الله ومغفرته، وخير الدنيا والآخرة، فالدُّعاء عبادةٌ، والعبادة دعاءٌ.

فأمّا ما ذُكِرَ في المعارضة عن (١) بعض المفسرين؛ فأوّلهم ــ فيما أعلم ــ الزّمخشري، وتبعه بعض من بعده.

والزَّمخشري ــ على حسن معرفته بالعربية ــ قليل الحظِّ من السنّة، ورأى أنّه لا يكون الحجر مصلّى على الحقيقة إلاّ إذا كانت الصلاة عليه، وذلك غير مشروع ولا ممكن؛ لأنّه يصغر عن ذلك.

ولو وُفِّقَ الزمخشري للصواب لجعل هذا قرينةً على أنّ المراد بكلمة {مُصَلًّى} قِبلة، كما قاله السلف، أي: يُصلَّى إليه؛ كما بيّنه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعمل به أصحابه فمن بعدهم.

ومن العلاقات المعتبرة في المجاز: المُجاورة، وهي ثابتةٌ هنا؛ فإنّ الصلاة إذا وقعت إلى الحجر فهي بجواره.

ووجهٌ آخر: وهو أن تكون كلمة {مُصَلًّى} اسمَ مفعول، والأصل: "مصلّى إليه"، حُذِفَ حرف الجرّ، فاتصل الضمير واستتر، كما يقوله ابن جنّي في "مُزَمَّل" من قول امرئ القيس (٢):

كأنّ أبانًا في عَرانينِ وَبْلِه ... كبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزمَّل


(١) ط: "من". والمثبت من المخطوطة.
(٢) في المعلقة. انظر "ديوانه" (ص ٢٥). ط. دار المعارف.