للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنّ الأصل "مُزَمَّل به" فحذفَ حرف الجرّ، فاتصل الضميرُ واستتر (١).

والنُّكتة على الوجهين هي ــ والله أعلم ــ: التنبيهُ على أنّ المزيّة للحجر لقيام إبراهيم عليه للعبادة، والمشروعُ لهذه الأمّة التأسّي به.

والقيام على الحجر لمثل عبادة إبراهيم لا يمكن إلاّ نادرًا، فعُوّض عنه بما يمكن دائمًا، وهو القيام للصلاة، وهو يصغر عن الصلاة عليه، ودفنُه ــ ليتسع مع بعض ما حوله للصلاة ــ يؤدي إلى اندثاره.

ولماذا التكلُّف؟ وإنّما المقصود: أن يكون للقيام في الصلاة تعلُّقٌ به، فشُرِعَت الصلاة إليه.

وعبارة الزمخشري (٢): "مقام إبراهيم: الحَجر الذي فيه أثر قدميه، والموضع الذي كان فيه الحَجر حين وضع عليه قدميه".

ويُبطِل هذا القولَ ــ مع ما تقدّم ــ أنّ المذكور في الآية مقامٌ واحدٌ لا مقامان، وأنّ وضع الرِّجْل على الحجر بدون قيام حقيقيٍّ لا يكفي لأن يُطلَق عليه كلمة "مقام" على الحقيقة، وأنّ الذي كان من إبراهيم على الحجر فسُمّي لأجله "مقام إبراهيم" قيامٌ حقيقي، لا وضعُ رِجْلٍ فقط، وأنّ الموضع الذي قام فيه على الحَجَر ليس هو موضعه الآن، وأنّ المقام كان أولاً بلصق الكعبة، وكان الحكم معه، ثم حُوِّل إلى موضعه الآن، فتحوَّل الحكم معه.

وسيأتي إثبات هذا كلّه في الفصول الآتية إن شاء الله تعالى.

* * * *


(١) انظر "الخصائص" (٣/ ٢٢١، ١/ ١٩٣). وفيه: "مزمَّل فيه".
(٢) في "الكشاف" (١/ ٩٣) ط. دار المعرفة.