للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعد قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ".

لماذا زاد ابن عيينة: "وبعد قوله تعالى .... " مع أنّ ذلك معلومٌ قطعًا ممّا قبله؟

لا يبعدُ أن يكون ابن عيينة أومأ إلى سبب تأخير عمر للمقام؛ لأنّ الآية أمرت بالصلاة خلفه، وبقاؤه بجانب الكعبة ــ والنّاس بين مصلٍّ خلفه وطائفٍ ــ يلزمه عند كثرة الناس أن يقع الخلل والحرج في العبادتين كما مرّ.

وأخرج الفاكهيّ (١) بسندٍ ضعيف عن سعيد بن جبير: "كان المقام في وجه الكعبة .. فلمّا كثر الناس خشي عمر بن الخطاب أن يطأوه بأقدامهم، فأخّره إلى موضعه الذي هو به اليوم، حِذاءَ موضعه الذي كان قُدّام الكعبة". نقله الفاسيّ في "شفاء الغرام" (ج ١ ص ٢٠٧) بسنده.

وقال الفاسيّ (٢): ذكر الفقيه محمد بن سُراقة العامري في كتابه "دلائل القِبلة": "وهناك بجنب الكعبة كان موضع مقام إبراهيم عليه السلام، وصلّى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنده حين فرغ من طوافه ركعتين ... ثم نقله - صلى الله عليه وسلم - إلى الموضع الذي هو فيه الآن ... لئلا ينقطع الطواف بالمصلين خلفه، أو يترك الناس الصلاة خلفه لأجل الطواف حين كثر الناس، وليدور الصّف حول الكعبة، ويروا الإمام من كلّ وجه".

وذكر ابن فضل الله العمري في "مسالك الأبصار" (ج ١ ص ١٠٣) مثل هذا الكلام.


(١) في "أخبار مكة" (١/ ٤٥٤).
(٢) في "شفاء الغرام" (١/ ٢٠٧).