الذي سعى فيه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أو غيره، فكيف يصحّ السعيُ فيه وقد حُوِّل عن محلّه كما ذكر هؤلاء الثقات؟
ولعلّ الجواب عن ذلك أنّ المسعى في عهد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كان عريضًا، وبُنيت تلك الدور بعد ذلك في عَرْض المسعى القديم فهدمها المهدي وأدخل بعضها في المسجد الحرام، وترك بعضها للسعي فيه، ولم يحوّل تحويلًا كليًّا، وإلا لأنكره علماء الدين من العلماء المجتهدين رضي الله عنهم أجمعين مع توفُّرهم إذ ذاك، فكان الإمامان أبو يوسف ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما والإمام مالك رضي الله عنه موجودين [ ... ](١)، وقد أقرُّوا ذلك وسكتوا. وكذلك مَن صار بعد ذلك الوقت في رتبة الاجتهاد، كالإمام الشافعي وأحمد بن حنبل وبقية المجتهدين رضي الله عنهم فكان إجماعًا ....
وبقي الإشكال في جواز إدخال شيء من المسعى في المسجد، وكيف يصير ذلك مسجدًا، وكيف حال الاعتكاف فيه؟
وحلُّه بأن يُجعل حكم المسعى حكم الطريق، فيصير مسجدًا ويصحُّ الاعتكاف فيه، حيث لم يضر بمن يسعى، فاعلم ذلك، وهذا مما انفردتُ ببيانه ولله الحمد".
أقول: أمّا أوّل كلامه فيكفي في الجواب عنه الاعتبار بالمطاف، للاتفاق على صحة الطواف فيما زيد في المسجد في غير الموضع الذي طاف فيه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، والذي كان في عهده لا يجوز الطواف إلا فيه.
(١) لعل هنا تكملة لم تظهر في التصوير لعدم وضوح الأصل.