للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسبب الخطأ في الكشف يُعْلَم مما قدمنا في الخوارق والغرائب.

وأزيدك هاهنا فائدة جليلة.

[٧٩] اعلم أن الكشف، وإن ثبت أنه صحيح، فالأغلب أنه يكون له تأويل كتأويل الرؤيا، يوكل ذلك التأويل إلى فهم المكلَّف. والبرهان على ذلك مكاشفات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ فإنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم رأى ليلة أُسْرِي به الفطرة في صورة اللبن، والشهوات في صورة الخمر، وأشياء كثيرة رآها (١)، وهي من باب التمثيل تحتاج إلى تأويلٍ.

وكذلك رؤيا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ فقد رأى يوسف عليه السلام الكواكب والشمس والقمر ساجدين له، وكان تأويلُ ذلك سجودَ أبويه وإخوته.

وقال الله تعالى لنبيه محمد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ ... } [الأنفال: ٤٣].

فرآهم قليلًا وليسوا في الواقع قليلًا، ولكن ذلك كناية عن الذلَّة، وأنهم سيُغلبون. ورأى أنه في درع حصينة فأوَّلها المدينة. ورأى بقرًا تُنْحَرُ، فأوّلها بمن يقتل من أصحابه. ورأى سوارين من ذهب، فأولهما بالكذَّابَيْنِ: مسيلمة والأسود. وأمثال ذلك كثير (٢).

وإنما يكون الظاهر حجة في الأوامر التكليفية التي كلف الله العباد أن


(١) سيأتي تخريج هذه الأحاديث بعد أسطر.
(٢) انظر: باب التعبير في صحيح البخاريِّ ٩/ ٢٩ - ٤٦، [ح ٦٩٨٢، وما بعده]. وكتاب الرؤيا في صحيح مسلمٍ ٧/ ٥٠ - ٥٨، [ح ٢٢٦١، وما بعده]. [المؤلف].