للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يومٍ طلعتْ عليه [الشمسُ] (١) [ص ٤] يوم الجمعة؛ فيه خُلِق آدم، وفيه أُدخِلَ الجنةَ، وفيه أُخرِجَ منها، ولا تقوم الساعة إلَاّ في يوم الجمعة».

وخروج آدم عليه السلام من الجنة نعمةٌ في حقِّنا؛ لأنَّه سبب وجودِنا. وقيام الساعة نعمةٌ على المؤمنين؛ لأنَّ فيه القضاءَ لهم على أعدائهم، والأخذَ لهم بحقوقهم، بل إدخالهم الجنة، وتجلِّي الرب عزَّ وجلَّ لهم.

ولما كانت هذه النِّعَم عامةً لجميع بني آدم شرع الله تعالى لهم جميعًا تخصيصَ هذا اليوم؛ ولكن اقتضت حكمته عزَّ وجلَّ أن لا يَدُلَّهم على يوم الجمعة من أول وهلةٍ؛ بل يأمرهم بتخصيص يومٍ من الأسبوع، ويدع تعيينه إلى اجتهادهم.

ففي الصحيحين (٢) عن النَّبي: «نحن الآخِرون السابقون يوم القيامة؛ بيدَ أنَّهم أُوتوا الكتابَ من قبلِنا، وأُوتيناه من بعدِهم، ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم ــ يعني يوم الجمعة ــ فاختلفوا فيه، فهدانا الله إليه» الحديث.

وهداية هذه الأمة له: ما ثبت في السيرة وغيرها أنَّ المسلمين في المدينة قبل هجرة النَّبي - صلى الله عليه وآله وسلم - اتفقوا ــ إمَّا بأمرٍ منه - صلى الله عليه وآله وسلم - أو باجتهادهم ــ على أن يخصِّصوا يومًا معيَّنًا من الأسبوع يجتمعون فيه لذكر الله تعالى والاتفاق على مصالح المسلمين؛ إذْ لا يتيسَّر لهم الاجتماع كلَّ يوم؛ لاشتغالهم بنخيلهم وتجارتهم، وغير ذلك من مصالح دنياهم، فأجمعوا على يوم الجمعة.


(١) سقطت من الأصل.
(٢) البخاري (٨٧٦) ومسلم (٨٥٥) عن أبي هريرة.