للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت صلاة الظهر يومئذٍ ركعتين؛ كما في الصحيحين (١)، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «فُرِضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ففُرِضَتْ أربعًا، وتُرِكَت صلاة السفر على الفريضة الأولى».

أقول: وتُرِكَت ظهر يوم الجمعة في حقّ المجتمعين الاجتماعَ المخصوص، كما هو ظاهر، وههنا مباحث علمية ليس هذا موضعها.

والمقصود: أن الله عزَّ وجلَّ شرع يوم الجمعة ما شرع من العبادة الزائدة على بقية الأيام؛ من الاجتماع، والخطبة، والغُسل، والسواك، والطيب، والتبكير إلى الجامع، وكثرة الصلاة قبل خروج الإمام= شكرًا له عزَّ وجلَّ على ما تقدَّم من النِّعَم وغيرها.

ومن الناس من يَعُدُّ يوم الجمعة عيدًا؛ لأنَّ كثيرًا مما شُرِع في العيد من التطيُّب والتنظُّف والاجتماع والخطبة، شُرِع فيه. ولأنَّه صحَّ النهي عن تخصيصه بصيام (٢)؛ كما نَهَى عن صيام يوم العيد (٣).

وليس هذا بظاهر.

أمَّا التطيُّب والتنظُّف فإنَّما شرعت فيه لحقوق المجتمعين؛ كما صحَّ أنَّ الصحابة كانوا أولًا يجتمعون، ومنهم من لم يغتسل ولم يتطيَّب، فيؤذي


(١) البخاري (٣٩٣٥) ومسلم (٦٨٥) عن عائشة.
(٢) أخرجه البخاري (١٩٨٥) ومسلم (١١٤٤) من حديث أبي هريرة. وفي الباب أحاديث أخرى.
(٣) أخرجه البخاري (١٩٩١) ومسلم (٧٨٣) من حديث أبي سعيد الخدري. وفي الباب أحاديث أخرى.