وقد يقال: لا حاجة إلى قياس الوقف على ولده ومن سيولد له على ما ذكر، لدخوله في لفظ القربى أو للإجماع عليه.
فأقول: إن كان هناك إجماعٌ فذاك، وإلاّ ففي دخوله في القربى نظر؛ [ص ٣٣] لأنّ المراد بالقربى جميع الأقارب الذين يمكن أن يكونوا مصرفًا للوقف دائمًا، كما هو شأن الوقف، فالضرورة داعية إلى إدخال من لم يوجد بعدُ.
فأمّا الوقف على ولده ومن سيولد له، فإنّه لم يقصد به أن يكون أولاده مصرفًا للوقف دائمًا؛ لأنّهم لا بدّ أن يموتوا، وعليه فكان يمكنه أن ينتظر حتى ييأس من الولد ثم يقف عليهم وهم موجودون كلهم، ولا يمكنه هذا في القربى كما مرّ.
هذا، وقياس الوكالة بالبيع على الوقف مختلٌّ، أوّلاً: لأنّ الوقف من شأنه الدوام، فلا مندوحة مِن ضمّ من لم يوجد من المستحقين إلى الموجودين، بخلاف الوكالة.
ثانيًا: الوقف قربة يتشوَّف إليها الشارع كالعتق، فيوسع فيها ما لا يوسع في الوكالة.
ثالثًا: المعدوم في الوقف هو بعض الموقوف عليهم، والمعدوم في مسألة الوكالة هو بعض المال، وقد يُغتفر في المعقود له ما لا يُغتفر في المعقود عليه، كالوقف نفسه فإنّه يجوز على الموجود ومن سيوجد، ولا يجوز وقف ما يملكه وما سيملكه، فأمّا صحة وقف الجارية وحملها، فالحمل كالعضو منها، حتى لو بيعت الحامل دخل الحمل في البيع.