ثالثًا: أنّ التصرف في القراض مرتبط بعضه ببعض، أي: أنّ الثاني مبنيٌّ على الأول، ومتوقفٌ عليه، كأن يشتري برأس المال عبدًا ثم يبيع العبد بنقدٍ ثم يشتري بالنقد ثيابًا، وهكذا.
وهذه الأمور كلها ليست في الصورة الأخرى، أعني: نحو وكّلتك أن تبيع عبدي إلخ. نعم، الثالث حاصل في مسألة: وكلتك ببيع هذا وشراء كذا بثمنه، ولكنَّ في صحتها [ص ٣٢] خلافًا، وأشهر القولين صحة التوكيل بالشراء، كما مرّ عن "شرح المنهج"، ونحوه في "المغني" و"النهاية".
وأمّا القياس على هذه الصورة فالفرق ما ذكرناه من الارتباط، والحاجة ماسة كثيرًا إليها، كما تبعث الأرملة بصوفها أو غزلها أوسمنها أو نحو ذلك مع رجلٍ، ليبيعه ويشتري لها بثمنه طعامًا أو ثوبًا أو نحوه، وليست الحاجة إلى التوكيل ببيع عبده وعبد فلان إذا ملكه كذلك، مع أنّ المقصود في مثال الأرملة هو أن يشتري لها ببضاعتها طعامًا أو ثوبًا، وإنّما البيع بالنقد وُصلةٌ إلى ذلك، لما عُلم بأنّ التجار إنّما يرغبون أن يبيعوا بالدراهم.
وأمّا الشركة فكالقراض، وأمّا القياس على الوقف فإن كان المراد بالملك في عبارة الشيخ أبي حامد ملك العين، فقد قاس البيع على الوقف على ولده ومن سيولد له، وهذا الوقف نفسه مَقِيسٌ على الوقف على الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف، كما ورد في الصحيحين (١) في وقف عمر الذي أقره عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم, والقياس على القياس لا يجوز كما تقرّر في الأصول.
(١) البخاري (٢٧٣٧، ٢٧٧٢، ٢٧٧٣)، ومسلم (١٦٣٢) من حديث ابن عمر.