وأما آيات سورة الطلاق؛ فيتعين فيها النزول معًا على نظمها؛ لأنها كلامٌ واحدٌ مرتبطٌ أوثقَ الارتباط.
ويبقى النظر بينها وبين قوله تعالى:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ}(الآيتين)، فإن كانت آيات سورة الطلاق نزلت قبل آيتي {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} فلا إشكال في هذا.
وإن كانت نزلت بعدُ، فتحتاج إلى تأويل، فيقال: إن قوله تعالى: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} إما عامٌّ مرادٌ به الخصوص، وإما عامٌ مخصوص، وإما على عمومه، وإن كان التعليل بقوله تعالى:{لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} يختص بمن طلقت مرةً أو مرتين فقط.
وهكذا الضمير في قوله:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}.
والاحتمال الأول أولى؛ لتسلَم الآياتُ من مخالفة الظاهر.
ولا ينافي ما تقدم في الآية الرابعة من آيات البقرة، وما قلناه ههنا قولهم:"إن التخصيص أولى من النسخ"، فإن محله حيث لم يتحقق النسخ، وها هنا قد تحقق النسخ في الجملة كما تقدم.
فأما على قول الحنفية ومن وافقهم: أن العام المتأخر ينسخ الخاص المتقدم، فيتعين القول بتأخر نزول آيات سورة الطلاق، وإلا لزم أن يكون ناسخًا لقوله:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} الآيتين.