تكون في الحيضة الثالثة، وقد اتففنا على تحريم الطلاق في الحيض مطلقًا.
وأيضًا لو أجزنا الطلاق عند مقاربة الانقضاء، فإما أن نجيز طلقة أو طلقتين معًا؟ وقد اتفقنا على منع الطلقتين، وعليه فلا يكون له ــ على ما فرضناه ــ أن يُوقِع إلا طلقةً أخرى، فتكون هي الثانية، فلا تحصل بها البينونة، فلا يكون للمطلق غرض صحيح، وإذا كان كذلك كان هذا الطلاق من اتخاذ آيات الله هزوًا والتلاعب بحدوده.
على أننا نقول: إن الفوائد التي ذكرتم أنها قد تكون للمطلق إذا طلَّق المدخول بها من حرمان الميراث، وحرمان النفقة والسكنى، وتعجل نكاح أختها مثلًا أو رابعة، كلها أغراضٌ مذمومةٌ شرعًا.
أما حرمان الميراث وحرمان النفقة والسكنى فظاهر، وقد قال الله تعالى:{أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}، {أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}، {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}، {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}، والطلاق لحرمان الميراث أو النفقة والسكنى منافٍ لهذا كله.
وهكذا تعجل نكاح الأخت ــ مثلًا ــ مذموم؛ لأنه يثبت في نفس المطلقة أنه إنما طلَّقها لينكح أختها، فتهيج بذلك بغضاء بين الأختين، ويورث ذلك سوء ظن بين الناس فيه وفي الأخت الثانية؛ لأن عادة الناس أن لا تحتجب المرأة من زوج أختها، كما تحتجب من الأجانب.
وأما الرابعة فالحاجة إلى استعجال نكاحها نادرة، ولا يخلو ذلك من إثارة البغضاء بين أهل الأولى وأهل الثانية، بقول أهل الأولى: إنما طلَّق صاحبتنا ليزوج صاحبتهم، وهم أفسدوه، وغير ذلك.