للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ج ٩/ ص ٢٨٠) (١).

وقوله في الرجعة: إنها شرعت لإمساك المرأة يُبيّنه أن الله تعالى قيَّد استحقاقها بإرادة الإصلاح، قال تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا}، وقال: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}، وقال: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}.

وفي الحديث دليل لنا، فإنه ذكر الطلقة الثانية، ثم قال: "فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء"، ولم يذكر بعد الطلقة الثانية إلا التنبيه على الآية، ودلالة الآية ظاهرة فيما ذهبنا إليه، فلذلك ــ والله أعلم ــ اكتفى بها عن أن يقول: ثم لا تطلق الثالثة إلا إذا راجعت من الثانية، ولو كان الأمر كما قلتم لكان الظاهر أن يذكر الثالثة (٢)، لأن ما قلتم خلاف ظاهر الآية (٣).

وأما سكوت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن تعليم ابن عمر، فالظاهر أن عمر وابنه كان يعلمان ذلك، وقد روي عنهما تحريم إيقاع الثلاث جميعًا، والظاهر أن ابن عمر كان يعلم حرمة الطلاق في الحيض، وإنما وقعت منه زلَّةٌ، ولم يعلم هو وأبوه كيف المَخْلَص منها، فلذلك سأل عمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -. والله أعلم.

ومما يدل على علمه ما ثبت أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تغيظ لما أخبره عمر.

وأما ركانة فإنه أخبر أنه إنما أراد واحدة، وحلف على ذلك، فلما تبين أنه إنما طلَّق واحدةً، لم يكن هناك باعث في الحال إلى بيان تحريم إيقاع


(١) (٩/ ٣٥٠).
(٢) في الأصل: "الثانية".
(٣) ثم يتصل الكلام بالملحق الذي في الصفحة الآتية.