للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسيأتي، وليس فيه ذكر "السنة"، وإنما فيه بعد أن ذكر القصة: "فكان ابن عباس يرى إنما الطلاق عند كل طهر".

ولفظ "السنة" في هذا المختصر إما من قول عكرمة، وإما من قول من بعده، وسيأتي بقية الكلام على هذا.

قالوا: وأما حديث ابن عمر فالطلقتان فيه ليستا متتابعتين، فإنه أمره بالمراجعة من الأولى، وعليه فالطلقة الثانية تكون في قُبُل العدة، فأين هذا من مذهبكم؟

وقد ذكر العلماء توجيهات أخرى غير ما قلتم، منها قولهم: لو طلَّقها عقب تلك الحيضة كان قد راجعها ليطلقها، وهذا عكس مقصود الرجعة، فإنها شرعت لإيواء المرأة، ولهذا أسماها إمساكًا، فأمره أن يمسكها في ذلك الطهر، وأن لا يطلق فيه حتى تحيض حيضة أخرى ثم تطهر، لتكون الرجعة للإمساك.

ويؤيد ذلك أن الشارع أكد هذا المعنى حين أمره أن يمسكها (يمسها) في الطهر الذي يلي الحيض الذي طلَّقها فيه، لقوله في رواية عبد الحميد بن جعفر (١): "مُره أن يراجعها، فإذا طهرت مسَّها، حتى إذا طهرت أخرى فإن شاء طلَّقها، وإن شاء أمسكها".

فإذا كان قد أمره بأن يمسكها (يمسَّها) في ذلك الطهر، فكيف يصح له أن يطلقها فيه؟ وقد ثبت النهي عن "الطلاق في طهرٍ جامعها فيه" (فتح الباري


(١) ذكرها الحافظ في "الفتح" (٩/ ٣٥٠).