للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المانعون: أما عموم الآيات فيخصه قوله تعالى: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، فدل اتفاقًا على أن المأذون فيه هو الطلاق للعدة، فما وقع من صورة طلاق وليس للعدة فهو غير مأذون فيه اتفاقًا.

والأصل في النكاح أنه عقد لازمٌ يحب الله بقاءه، ولا يرضى قطعه، وقد مر دليل ذلك، وفي بعض الشرائع المتقدمة لا يمكن قطعه البتة، وإنما رخص الله تعالى لهذه الأمة في قطعه لشدة الحاجة إليه، فالطلاق رخصة، فإذا أوقعه الرجل كما أذن الله له وقع، وإذا أوقعه كما نهاه الله تعالى لم يقع.

[ص ٢] واحتج الجمهور من السنة بحديث ابن عمر المشهور بل المتواتر، ولهم فيه حجج:

الأولى: قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - "فليراجعها"، والمراجعة حقيقة شرعية في ردّ الزوج لو أوقع عليها طلاقًا رجعيًا إلى عصمة نكاحه في العدة.

الثانية: قوله: "ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعدُ، وإن شاء طلَّق قبل أن يمسَّ"، ولو كانت طلقته التي طلَّقها في الحيض لاغيةً لما منعه من تطليقها في الطهر الذي يليها.

الثالثة: ما في الصحيحين (١) عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال: "حُسِبَتْ علي بتطليقة". قال في الفتح (٢): "وقد أخرجه أبو نعيم من طريق


(١) البخاري (٥٢٥٣). وأخرجه مسلم (١٤٧١/ ١١، ١٢) من طريق أنس بن سيرين بنحوه.
(٢) (٩/ ٣٥٢).