للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانت قليلةً (١) أو كثيرةً (٢)، يعني أنه لا يجوز أن يَرِث رجلٌ قريب من المورث ولا ترث امرأة قريبة منه في تلك الدرجة".

أقول: قوله: "كما أن ... " ليس من معنى الآية في شيء، فإن كان فَهِمَه من ذكر الرجال في الآية وأنهم إنما ذُكِروا ليمثّل بهم النساء فهو فهمٌ في غير محلِّه، فقد تقدم حكمةُ ذكرهم، مع أن لفظ "الرجال" في الآية يشمل الصبيانَ كما تقدم. وأهل الجاهلية لم يكونوا يعترفون بأنهم يرثون حتى يَحسُنَ تمثيلُ استحقاق النساء باستحقاقهم واستحقاق الكبار.

وإن كان فَهِمَه من اقتران الجملتين فقد تقرر في الأصول أن لا دلالةَ للاقتران، مع أنه لو قيل بها هنا لزم عليها ما لا يلتزمه الجيراجي ولا غيره.

وإن كان فَهِمَه من كون الجملة الثانية كالأولى سواء لم يزد في إحداهما قيدٌ ولا شرطٌ، فهو باطل أيضًا؛ لأنه لا يلزم من ذلك تشابهُهما في كل شيء. نعم هما متشابهتان في أن كلًّا منهما أريد بهما الإثبات في الجملة، ولكن هذا التشابه لا يقتضي التشابه في التفصيل، كما هو واضح.

وإن كان فَهِمَه من عموم لفظ "الأقربين" فقد قدَّمنا أنه إنما يفيد أنه ما من قريبٍ لرجلٍ إلّا ويُتصوَّر أن يكون له نصيبٌ مما ترك، وما من قريبٍ لامرأةٍ إلّا ويُتصوَّر أن يكون لها نصيبٌ مما ترك، والنصيب صادق بميراث ذوي الأرحام، فعموم الأقربين يقتضي ما ذكرناه. وفيه التشابه في الجملة كما تراه، ولا يلزم منه التشابه في التفصيل.


(١) فيه ما فيه. [المؤلف].
(٢) فيه ما فيه. [المؤلف].