فثبوت النصيب في الجملة للرجل مقيَّد بقيودٍ وشروطٍ، وثبوت النصيب في الجملة للمرأة كذلك، وقد تتحد القيود والشروط وقد تختلف، وليس في نظم القرآن أدنى إشارةٍ إلى أنها لا تكون إلّا متحدة. فقول الجيراجي "يعني ... " دعوى مجردة، والله المستعان.
ولما علم سبحانه وتعالى أن السامعين لهذه الآية سيظنون أنها تتميمٌ وتكميلٌ لآية الوصية، وأن المقصود منها إرشاد المحتضر إلى الوصية للصغار والنساء أيضًا= دفع ذلك بأمرين:
الأول: قوله: {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ} من المتروك {أَوْ كَثُرَ}، وهذا مخالفٌ لقوله في آية الوصية:{إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} أي مالًا كثيرًا كما تقدم.
الثاني:{نَصِيبًا مَفْرُوضًا} مقطوعًا معينًا من عند الله عزَّ وجلَّ سيبيّنه فيما بعد، وهذا مخالف لقوله في آية الوصية:{بِالْمَعْرُوفِ} أي بحسب ما يراه الموصي.
وهذان الأمرانِ ظاهرانِ في نسخ حكم آية الوصية، ولو كان المقصود ــ ــ كما زعم الجيراجي ــ أن يُعمَل بهذه الآية حيث لا وصيةَ وأن آية الوصية لا تزال محكمةً، لمَا خالفَتْها في جعل النصيب هنا مما قلَّ أو كثُر وهناك مما كثُر فقط، ولمَا خالفتها في جعل النصيب هنا مفروضًا وهناك بالمعروف.
وقد زعم أنه إنما جُعِل بالمعروف في الوصية ومفروضًا في الميراث لأن المورث أدرى من غيرِه بمصالح ورثته، ولأن مراعاة المصالح الشخصية في القانون الكلي ليست بممكنة.
وهو مردود بأن المورث وإن كان أدرى فإنه يَعرِض له في الأهواء