للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأغراض ما يُعمِي بصرَه ويُصِمُّ سمعَه، ويُوقِعه في الجنَف والإثم، كما شهدتْ به الآية نفسُها. ويكون غيرُه من صالحي جيرانِه وإخوانِه المطَّلعين على أحواله لسلامتهم من الهوى والغرض أقربَ إلى العدل والحكمة في وضع ماله في مواضعه، ولاسيَّما إذا أحيل ذلك إلى نظر قضاةِ المسلمين، فإنهم يكونون طبعًا علماء حكماء، فيكونون أعلم بمصلحة الموصي من نفسه. فلو لم يُرَد النسخُ لمَا فُرِضت الأنصباءُ، بل كان يُحال الأمرُ إلى القضاة والحكَّام.

على أن الجيراجي فسَّر قوله تعالى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا ... } بقوله (ص ٤): "أي إن عَلم أن الموصي في وصيته جنفَ عن الحق ومال إلى الإثم، فللمسلمين أو لقاضيهم حقٌّ في إصلاحها".

وهذا ينقض قولَه (١): "إن المورث أدرى من غيره".

وأما قوله (٢): "إن مراعاة الأحوال الشخصية في القانون الكلي ليست بممكنة".

فجوابه: أن هذه الأحوال الشخصية لو كانت مراعاتها مقصودة كما زُعِمتْ لم يُشرع ذلك القانون الكلي، بل كان يُحال الأمر إلى قُضاة المسلمين.

ثم إن آية الوصية [لما] كانت عامةً لذوي القربى، والميراث الذي أُجمل في هذه الآية وبُيِّن بغيرها لا يَعمُّهم، وكان في الأمرين السابقين


(١) "الوراثة في الإسلام" (ص ٣).
(٢) المصدر نفسه (ص ٤).