لهم بتنفيذ هذا الحكم، والمراد من ذلك: إما أمرهم بالوصية على مقتضى هذه الآيات، وإما نهيُهم أن يوصوا بما يخالفها، والأول لا فائدة له، فتعيَّن الثاني. والمورث إذا لم يُوصِ بما يخالف وصية الله تعالى كان في معنى المنفِّذ لها، وهذا صريح في نسخ آية الوصية.
فإن قيل: يَخدِش في هذه الأوجه الثلاثة أن الله عزَّ وجلَّ إنما قال: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}، وقد قدَّمتَ أن الأولاد غير داخلين في آية الوصية.
قلت: قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ} لا يختص بالأولاد، بل يتناول جميعَ ما ذُكِر في الآيات، كما يأتي إيضاحه إن شاء الله تعالى. ثم قد تقدم أن الأولاد وإن لم يكونوا داخلين، فالظاهر بل المتيقن أن حكم الوصية كان شاملاً لهم من حيث الجواز، فكان للمحتضر أن يوصي لأولاده ويُفضِّل بعضَهم على بعض.
وهذه الأوجه تدلُّ على نسخ حكم الوصية مطلقًا، أعني التي كانت موجودة ولم تشملها الآية والتي شمِلَتْها الآية.
واعلم أن الظاهر كون الخطاب في الآية للذكور، ويؤيده قوله فيما يأتي:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}، ولكن حكم الإناث كذلك، كما دلَّت عليه قواعدُ الشريعة ثم الإجماع.
واعلم أن في قوله:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ} وتناوُلِهِ الأبناءَ والآباء وبعضَ الأصناف ــ كما يأتي ــ إبطال (١) لاختراع الجيراجي في القول المبني على