للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بذلك لأن المجاز لابُدَّ له من علاقة، ولاسيَّما إذا كان في كلام العليم الحكيم، فإطلاقُه سبحانه وتعالى على الجدّ أبًا يدلُّ أنه كالأب، وهذه الدلالة مما يصلح لتمسُّك المجتهد إذا لم يجد أقوى منها.

نرجع إلى تفسير الآية:

{لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ} مرَّ ما فيه من الدلالة. {إِنْ كَانَ لَهُ} المورث {وَلَدٌ}. مقتضى الظاهر أن يفسَّر "ولد" بابن، ولكن الجمهور [على] أن المراد: ابن أو بنت أو ابنُ ابنٍ أو بنتُ ابن وإن سفلا، وهذا من عموم المجاز كما تقدم. ومن المفسِّرين من يفهم معنى قوله: "والباقي للولد"، وأنت تعلم أن هذا ليس على إطلاقه، وإنما لهم الباقي بعد ميراث الأبوين وبعد ميراث أحد الزوجين، والتزام الإطلاق والتقييد تكلُّف، إلّا أن يقال: والباقي بعد الفروض التي لا تسقط للولد، وهو كما ترى.

فإن قلت: لكن ما ذكرتَ لا يرد على الجيراجي؛ لأنه يقول: إن ميراث الزوجين وصية داخل تحت قوله: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ}، وأن الفروض منسوبة إلى ما بقي بعد فرض أحد الزوجين.

قلت: سيأتي إن شاء الله تعالى إبطالُ قوله هذا.

{فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ} المورث {وَلَدٌ} قد تقدم تفسيره {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ}، الجملة ــ قوله: "فإن ... " ــ مستأنفة، لا مبنية على ما قبلها. {فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} قدَّر بعضهم هنا: وللأب الباقي، وفيه مثل ما تقدم. والآية ظاهرة في أن للأم الثلث مع الأب، وإن كان هناك زوج أو زوجة، وعليه جماعة من الصحابة كعلي وابن عباس رضي الله عنهما، وهو الحق الذي لا ينبغي العدولُ عنه.