وتأوَّل عمر رضي الله عنه وغيره، فذهبوا إلى أن للأم ثلث الباقي بعد بقية ..... ، قالوا: لا تفضل الأم على الأب، ولا يكتفى بتفضيله عليها إلّا بأن يكون له مثلها.
وهذه معارضة للقرآن وللنظر، أما القرآن فظاهر، ودعوى أن المراد:{وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} أي فقط، تقدم ردُّها. وزَعْمُ الجيراجي أن الفروض منسوبة إلى ما بعد ميراث؟ ؟ ؟ ؟ وصي؛ لأن ميراثهما وصية، تقدمّ إبطالُها، ويأتي له مزيد إن شاء الله تعالى.
وأما النظر فلأن الأم أبلغ في الاستحقاق من الأب، وقد جاء في الحديث أن رجلًا قال: يا رسول الله، مَن أَبَرُّ؟ قال:"أمك"، قال: ثم مَن؟ قال:"ثم أمَّك"، قال: ثم مَن؟ قال:"ثمّ أمَّك"، قال: ثم مَن؟ قال:"ثمَّ أباك"(١). وكيف لا يكون للأم هذه المزية وهي التي تحمله تسعةَ أشهر تتكبَّدُ فيها صنوف البلاء والمِحن، ثم تُرضِعه حولَينِ يمتصُّ فيهما قوَّتَها، ويَشْغَلُها عن أكلها وشربها ونومها، ويلطخها بقَذَرِه كلَّ يوم مرارًا. وشفقتُها عليه أضعاف شفقة الأب.
فأما قولهم: إنه غير معروف في الفرائض تفضيل أنثى على ذكرٍ في مرتبتها مجتمعين.
فيجاب عنه بأنه قد عُهِد التساوي في الإخوة لأم، وإنما لم يُعهَد تفضيل الأنثى لأن البنت مساوية للابن لا مزية لها، وتتقوى بوجوده وتعتضد كما
(١) أخرجه أبو داود (٥١٣٩) والترمذي (١٨٩٧) عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وإسناده حسن.