للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما القسم الثالث والرابع فلم يُذْكرا في القرآن إلا بالإجمال في قوله: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ} إلخ، كما قدمنا.

وقدَّم الله تعالى الأول، فذكَر أهم أركانه، وهم الأب والابن والأخ شقيقًا أو لأبٍ، وترك ذِكْر الجدود وأبناء الأبناء إلى الاجتهاد والنظر، وذَكَر الأم مع الأب لأنها قرينته، وكذا البنت مع الابن، مع أنها إذا كانت معه كان لها حكم خاص. وأما الإخوة فإنما ذكرهم إجمالًا على ما تقدم، لأنهم دون الآباء والأبناء في الاستحقاق وفي العصبية، مع أن القرآن كان ينزل بحسب الوقائع والدواعي. وقد عُلِم من ذكر الإخوة في النوع الأول أنهم جامعون بين الاستحقاق والعصبية، وهذا إنما يصحُّ في الأشقاء أو لأب. هذا من حيث استحقاقهم، فأما من حيث حَجْبُهم للأم فلا يلزم ذلك. وبهذا فُهِم من كون الإخوة يحجبون الأمّ أنهم الأخوة من أيّ نوعٍ كانوا، وفُهِم من حَجْبهم الوارثَ أنهم يرثون.

ثم ختم هذا النوع بقوله: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} وكان مقتضى الظاهر بالقياس على ما يأتي أن يُذكَر هذا القيد عَقِبَ ميراث الأولاد، فتركه هناك اكتفاءً بهذا إشارةً ــ والله أعلم ــ إلى إرادة التقسيم الذي ذكرناه، وأنهم نوع واحد. وأكّد ذلك بقوله: {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ ... }، فتبيَّن بذلك أن هذه الآية خاصة بنوع.

وكرَّر هذا القيد فيما يأتي ثلاثًا، ولم يكتفِ في التقييد في الأخير لأمرين، الأول: الإشارة ــ والله أعلم ــ إلى أن هناك اختلافًا بين ميراث الزوجين والميراث الذي ذكره بقوله: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ ... }، وهذا