الاختلاف ظاهر على قول عامة المسلمين: إن هذا ميراث الإخوة لأم، فإن الاختلاف بينهم وبين الزوجين من حيث إن صلة الزوجين سببية وصلتهم سببية، وذكره عَقِبَ ميراث الأزواج ثم عَقِب ميراث الزوجات، ولم يكتفِ بالأخير منهما لأن الميراثين لا يجتمعان، والله أعلم.
ولما خرج عن النوع الأول إلى النوع الثاني يئس السامع أن يبيِّن في هذا الموضع ميراث الداخلين في النوع الأول من الإخوة، وهم الأشقّاء أو لأب، ولم ييأس من بيان حكم الإخوة لأمّ، لأنهم من النوع الثاني، فذكر الله عزَّ وجلَّ النوع الثاني، وهم الأزواج أو الزوجات والإخوة لأم.
ولما كان ميراث الأزواج آكدَ من ميراث الإخوة لأمّ، بدليل عدم سقوطه بحال، ويُحتاج إليه في دفع ما يتوهم مما تقدم أن للأولاد جميع المال بعد سدس الأبوين، وللأب جميع المال بعد ثلث الأم وغير ذلك= بدأ عزَّ وجلَّ به فقال:{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ ... }.
وهل هذا داخل تحت قوله:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ} كما بيَّنا دخول قوله: {وَلِأَبَوَيْهِ ... }؟ عندي أنه داخل أيضًا، والتقدير هكذا:(يوصيكم الله في أولادكم) كلًّا منكم في أولاده، ( ..... و) في آبائكم كلًّا منكم في أبويه أن يكون (لأبويه .... و) في أزواجكم كلًّا منكم في زوجه أن يكون (لكم .... ).
فإن قلت: قد مرَّ أن توجيه الوصية إلى الرجال بصفتهم مورثين المراد منه تحذيرهم من تغيير المواريث بالوصية، وهذا لا يأتي هنا، لأن الأزواج هنا وارثون.