للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسَّر "الأقربين" في الحجب بقوله (١): "والمراد بالأقرب أن لا تكون واسطةٌ بينه وبينَ المورث، إما مطلقًا أو كانت لكن انتفتْ قبل وفاة المورث". وسيأتي تمام البحث في الحجب إن شاء الله تعالى.

قال (٢): "فالفقهاء ظلموا الأقرباء؛ لأنهم جعلوا الأباعدَ من أولاد الأم ذوي فرض، والأقربين من بني الأعيان والعلَّات عصبةً، التي لا يُصيبها إلّا ما بقي بعد ذوي الفروض".

أقول: إذا تأملتَ ما قدَّمنا في تفسير الآية علمتَ أن الفقهاء لم يأتوا بشيء من عند أنفسهم، وإنما قبلوا ما جاءهم عن الله عزَّ وجلَّ وآمنوا به. ومع ذلك فندفع شبهته بمعونة الله عزَّ وجلَّ.

قد قدَّمنا في تفسير الآيات أن مدار المواريث على أمرين: استحقاق الصلة والتعصيب، وجعل الفروض المعيَّنة بإزاء الأول، وما يبقى بإزاء الثاني، وفصَّلنا هناك بعض التفصيل. ونزيد هنا أن الضرب الأول هم الذين يستحقون المالَ حقيقةً، وأما الضرب الثاني فغاية الأمر أنه إذا لم يكن هناك أحدٌ يستحقُّ المالَ كانوا أولى من غيرهم.

فالحاصل أن استحقاق الضرب الأول آكدُ من الضرب الثاني, وقد يكون الشخص الواحد مستحقًّا للصلة ومن العصبة، وهذا قد يكون أضعفَ استحقاقًا ممن هو من الضرب الأول. كان ذلك ــ والله أعلم ــ لأنَّ من لم يكن من العصبة فلا يحتمل النقصَ ولا الحرمان، بخلاف مَن كان من


(١) "الوراثة في الإسلام" (ص ٢٥).
(٢) المصدر نفسه (ص ١٢).