ولده، فأما الأشقَّاء فلأنهم جامعون بين الوجهين: الاستحقاق من حيث الصلة والعصبية، وقد تقدم أولَ البحث أن الجامع بين الوجهين أضعفُ حقًّا من المنفرد بالاستحقاق من حيث الصلة، وبيَّنا حكم ذلك بحمد الله تعالى ...
فإن قلت: يستلزم من هذا أن الإخوة للأم إذا كانوا من العصبة بأن كانوا أبناءَ عم مثلًا يفضلوا على الأشقَّاء؟
قلت: كلّا، فإن العصوبة هنا لا حكم لها؛ لأن ابن العم لا يُعتَدُّ بعصوبته مع وجود الأخ.
وثانيًا: الغالب أن الرجل لا يواصل في حياته أخاه لأمه كما ينبغي، بل هو عنده في عداد الأجانب.
وثالثًا: يريد الله عزَّ وجلَّ التأليف بين الناس، ولاسيَّما بين أولاد الأم الواحدة، وإنما يتم هذا بأن يعلموا أن لأحدهم حقًّا على الآخر قد يكون آكدَ من حقِّ الشقيقِ، فضلًا عن الأخ لأب، لعلَّهم إذا علموا هذا قوِيَ ارتباطُهم وتمكَّن اتصالُهم، بخلاف الأشقَّاء والإخوة لأبٍ، فإن الارتباط بينهم مألوف، سواء طمعوا في الميراث أم لا.
فإن قلت: فلِمَ لم يُفضِّل الأخ لأم على الشقيق، أو الأخ لأب مطلقًا؟
قلت: الأخ لأم له حقٌّ محدود، لا ينبغي أن يُزاد عليه ولا يُنقَص، وهكذا سائر أصحاب الفروض. وأما العاصب فليس له حقٌّ مبتوت، وإنما له ما فضَلَ، فأصحاب الفروض كأصحاب الديون.
فلما جاء الإسلام ..................................................