وهذا الاستعمال هو المعروف، قال الله عزَّ وجلَّ:{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} إلى قوله: {نَصِيبًا مَفْرُوضًا}{آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ}. وكثُر في الأحاديث إطلاقُ الفرائض على مطلق المواريث، واتفقت الأمة على تسمية علم المواريث بالفرائض.
ثم إن كان اشتقاقها من الفرض بمعنى الإيجاب ــ أي لأن الله عزَّ وجلَّ أوجبها بعد أن كانت موكولةً إلى اختيار المورث ــ فظاهرٌ، وكذا إذا كان من الفرض بمعنى الإنزال أو التبيين أو الإعطاء بغير عوض.
وإن كان من الفرض بمعنى التقدير والتحديد فلأن جميع المواريث مقدَّرة محدَّدة، إن لم تكن بأحد الكسور الستة فبغيرها، وإن لم تكن بالتصريح فباللزوم، فالابن إذا انفرد فرضُه الجميع، وإذا كان مع زوج فله ثلاثة أرباعٍ، أو مع زوجةٍ فسبعةُ أثمانٍ، وهكذا، وجميعها مقدَّرة محدودة.
وعلى هذا فلا تَرِدُ الأمثلةُ التي اعترض بها الجيراجي؛ لأنها كلَّها من الفرائض المبينة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله، فدخلتْ تحت قوله:"ألْحِقوا الفرائضَ بأهلها". ففي المثال الثالث ألحقنا الثلثينِ بالبنتين لأنه فرضُهما بنصّ القرآن، وألحقنا الباقي بالأخت لأنه مفروضٌ لها بمقتضى السنة، ولم يبقَ شيء حتى نجعله لأولى رجلٍ ذكرٍ، وهو ابن الأخ.
ومع هذا فمَن يقول بالتفسير الأول يُجيب عن تلك الأمثلة بأنها مما خُصِّص فيه عمومُ هذا الحديث، المثال الأول والثاني بالقرآن، والثالث بالسنة، وتخصيص العموم غير مستنكر، فلا معنى لقول الجيراجي: "يقعُ