للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول: ما يُعلَم أنه منافٍ للحكمة ومخالفٌ لها.

الثاني: ما لم يُدرِك المتعجب حكمتَه مع إيمانه بأن له حكمة.

والأول لا يجيء هنا؛ لأن عمر رضي الله عنه كان إمامًا صارمًا لا تأخذه في الحق لومةُ لائم، فلو علم أن هذا الحكم خطأ بأن كان من حكم أبي بكر أو غيره من الصحابة لخالفهم، كما خالفهم في أحكام كثيرة، فإذْ لم يخالف هذا الحكم علمنا أنه يعلم أنه حكم ممن لا يجوز عليه الخطأ، ولا تنبغي مخالفته، فيكون قد علمه من حكم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولم تتبيَّن له حكمته، فكان يتعجب لذلك.

ومع هذا فإننا لا نرى عجبًا في هذا الحكم:

أولًا: لأننا نقول: إن العمة ترِث في الجملة، وذلك إذا لم يستغرق الفروض ولم يُعلَم العصبة، وهذا كافٍ في المقابلة، كما أن الأخت ترِث من أخيها النصف فرضًا، ولا يرِث منها إلّا ما أَبْقَت الفروضُ تعصيبًا.

وثانيًا: الوراثة ليست مبنيةً على المقابلة، بل على الأسباب، فأيُّ مانعٍ أن يثبت لزيدٍ حقٌّ على عمرو ولا يثبت لعمرو حقٌّ على زيد؟ وهذا واضح هنا، فإن عصبية ابن الأخ لعمتِه ظاهرة بيِّنة، واستحقاقها صلته ضعيف، وانظر هذا المثال:

لو أن أخوينِ أحدهما منقطع، والآخر ذو ولد، فلو مات المنقطع لَورِثه ذو الولد، ولو مات ذو الولد لم يكن لذلك المنقطع شيء.

وأنت ترى أن فرض الزوج من زوجته ضِعْفُ فرضها منه وفرض الأب من بنته ثُلُثُ فرضِها منه. وإذا جاز الاختلاف زيادةً ونقصًا جاز وجودًا وعدمًا.