للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تقدم حديث ابن عباس: "ألِحقوا الفرائضَ بأهلها، فما بقي فلأولَى رجلٍ ذكر". وفي "الفتح" (١): قال الخطابي: إنما كَرَّر البيانَ في نعتِه بالذكورة ليُعْلَم أن العصبة إذا كان عمًّا أو ابنَ عمٍّ مثلًا، وكان معه أختٌ له، أن الأخت لا ترِث، ولا يكون المال بينهما للذكر مثل حظّ الأنثيين.

ولا يُعتَرض بأن هذا معلوم من لفظ "ذكر"، لأننا نقول: أكَّده لدفع التجوُّز والتغليب، والله أعلم.

وقد جاءت أحاديث في نفي ميراث العمة والخالة، انظرها في "تلخيص الحبير" (٢).

وقد ثبت في الصحيحين (٣) وغيرهما في كتب الحديث والسير والتاريخ مطالبةُ العباس عمِّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بميراثه من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولم يُنقَل البتةَ أن صفيَّة عمة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - طالبت لا هي ولا ورثتُها، ولا ذُكِرتْ في تلك المحاورات، وهي إنما توفيت في خلافة عمر رضي الله عنه.

قال (٤): "ولو رأى الفقه اليوم لازداد عجبًا، فإن فيه ابن البنت يورث ولا يرِث، وأمّ الأمّ ترِث ولا تورث".

أقول: هذه صورة واحدة جعلَها صورتين، فإن ابن البنت إنما ترِثه أمُّ أمِّه لا أبو أمِّه. وقد علمتَ الجوابَ مما تقدم، فابن البنت يرث من ميراث ذوي


(١) (١٢/ ١٢). وكلام الخطابي في "أعلام الحديث" (٤/ ٢٢٨٩).
(٢) (٣/ ٩٤).
(٣) البخاري (٦٧٢٥) ومسلم (١٧٥٩/ ٥٣) عن عائشة.
(٤) "الوراثة في الإسلام" (ص ١٩).