فإن قيل: فالإخوة لأمّ ينقصونها السدس ولا يُعطَونه، فكيف يأخذه أبو الميت وهو لا يلي نفقة هؤلاء الإخوة ولا نكاحهم؛ لأن لهم أبًا غيره؟
فالجواب: قد قال الزيدية ومَن وافقهم: إن الإخوة للأم لا ينقصونها، وهذا بعيد، والأولى مذهب صاحبنا أن السدس يكون للإخوة، فإن لم يقْوَ قولُه في الأشقاء أو لأب فهو قوي في بني الأم.
فأما على القول بأنهم ينقصونها ولا يعطون شيئًا، فالجواب: أن سبب نقصانها معهم غير سبب نقصانها مع الأشقاء أو لأب. وبيانه: أن بني الأم إن كانوا كبارًا فقد اعتضدتْ بهم أمهم، واستغنت بمعونتهم، فضعُفَ استحقاقُها، وإن كانوا صغارًا فالغالب أن يكون أبو الميت فارقها، فنكحت أباهم وثبتت قدمُها عنده بولادتها له أولادًا، فضعُفَ استحقاقها من ابنها الميت من جهتين: الأول: فراقها لابنه، الثانية: استغناؤها ببعلها الثاني.
فإن قيل: فلمن يكون السدس الذي نقصتْه؟
قلنا: هو باقٍ بعد الفرائض، فيأخذه الأب تعصيبًا.
فإن قيل: حاصل هذا الجواب أنه لم ينقصها الأب ولا بنوها، وإنما نقَصَها نقْصُ استحقاقها، فيُقْلَب سؤالكم عليكم، فيقال: لو كان نقصُ استحقاقها ينقصُها لنَقَصَها على كل حال.
فالجواب: أما في الحكم فنقصَها بنوها، وأما في الحكمة فنقَصَها نقْصُ استحقاقها، ولكنه لا ينضبط، فضبطه الشرع بوجود الإخوة، فيُقتَصر عليه، كما أن أهل العلم يُعلِّلون شرعَ قَصْر الصلاة في السفر بالمشقَّة، قالوا: ولكن المشقّة لا تنضبط، فضبطها الشرع بالسفر المخصوص، وصار الحكم مقصورًا عليه. على أنه لا يلزم فيمن نقصَ وارثًا عن فرضه أن يكون ذلك