فإن قيل: نختار أن الذي ينقصها الأب، ولكن نقْصَه لها مشروط بوجود أحد الزوجين، كما أنه ينقصها بوجود الإخوة.
فالجواب أنه في صورة أبوين وإخوة لم ينقصها الأب، وإنما الذي نقصَها الإخوة، كما ينقصونها عند عدم الأب.
فإن قيل: فإن الإخوة لا يرثون مع الأب شيئًا.
قلنا: قد نُقِل عن صاحبنا ــ أعني ابن عباس رضي الله عنه ــ أن الإخوة مع الأب والأم يأخذون السدس الذي نقصتْه الأم، ولا يلزمه أن يورثهم مع الأب حيث لا أمّ، لأنهم إنما يأخذون ما لو فُرِض عدمُهم لم يأخذه الأب، وهو ذاك السدس الذي نقصته الأم، فإنه لولاهم لكان لها لا للأب.
فإن لم نقل به وقلنا: لا يأخذ الإخوة شيئًا، فعنه جوابان:
الأول: أنهم نقصوها والأب حجَبَهم.
فإن قيل: لا نظير لهذا في الفرائض ..... مذهب الجمهور فلها نظير، وهو الجد مع الأم لا ينقصها عن الثلث مع أحد الزوجين، فإن كان جدٌّ وأمٌّ وإخوةٌ لأمّ نقصَ الإخوةُ أمَّهم إلى السدس وحجبهم الجدُّ. وأما على مذهب صاحبنا ــ أعني ابن عباس ــ فلا يجيء هذا السؤال من أصله لما مرَّ أنه يجعل السدس المنقوص للإخوة، فلا يحجبهم الأب والجدُّ عنه.
الجواب الثاني: أن ذلك السدس في الاستحقاق لهم، ولكن الأب يأخذه كِفاءَ ما أنفقه أو يُنفقه عليهم، كما قال قتادة: كان أهل العلم يرون أنهم إنما حجبوا أمَّهم من الثلث لأن أباهم يَلِيْ نكاحَهم والنفقةَ عليهم دون أمِّهم. "تفسير ابن جرير"(٤/ ١٧٤)(١).