قلت: ذاك الظاهر هناك، وكان أصل الكلام:"ويَرِث مِن ما هو لآل يعقوب". وعلى هذا فإذا عدِّي بـ "من" فالظاهر أنها تبعيضية والكلام على حذف مضاف، ويحتمل أنها ابتدائية.
الوجه الثاني: أن يكون الأصل "ورثتُ مالَ زيدٍ" أيضًا، ولكن نزَّلتَ تملُّكَك مالَ زيدٍ كلّه منزلةَ تملُّكِك زيدًا نفسه. وهذا قريب من الذي قبله.
الوجه الثالث: أن يكون الأمر كما جرى عليه أهل اللغة أن "ورِث" يتعدى إلى مفعولين، ولكن إذا لم يذكر الثاني دلَّ على شمول الإرث لجميع ما كان للموروث منه، لأن حذف المعمول يُؤذن بالعموم كما صرَّحوا به.
الرابع: أن يُدَّعى أن مادة الإرث تقتضي الإحاطة وضعًا، كما يدلُّ عليه التبادر عندما يقال: ورثَ فلانًا أبواه، ونحو ذلك. وتدلُّ عليه الشواهد المتقدمة وغيرها.
فإن قيل: أما الوجهان الأولان فيكفي في ردِّهما مخالفتهما لما عليه أهل العربية وغيرهم، من أن "ورِث" يتعدى بنفسه إلى مفعولين. وأما الثالث فقولهم:"حذف المعمول يُؤذِن بالعموم" ليس على إطلاقه، وإنما محلُّه حيث يكون المقام مقامَ ذكر المعمول لو كان خاصًّا، كقوله تعالى:{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ}[يونس: ٢٥] ونحو ذلك، وقولُه في الآية:{وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} ليس كذلك، والكلام على نحو ما تقدم في المحمل الثالث. وأما الوجه الرابع فلا نُسلِّم التبادر، وإن سلَّمناه فلنا أن نقول: لعل ذلك لوجهٍ آخر، لا لأن الوضع من أصله يقتضي الإحاطة، وكذلك يقال في الشواهد.
فالجواب: أنه يجوز أن يكون المصرّحون بأن "ورِث" ينصب مفعولين