وزوجٍ السدس، وفي أبوين وزوجة الثلث، فليس قوله بشيء؛ لأنه اعتمد على النظر من حيث هو، وخرج عن الآية بمعنيَيْها، والصواب إنما هو أن يجعل النظر مرجِّحًا لأحد المعنيين في الآية، ثم يُعمَل بالمعنى الراجح. والله أعلم.
ثم قيَّد سبحانه وتعالى ما أطلق أولًا من أن الأبوين إذا أحاطا بالميراث كان للأمّ الثلث بقوله:{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ}، وفي كلمة "إخوة" أبحاث:
الأول: أنها جمع، ورُوي عن ابن عباس أنه قال لعثمان: فالأخوانِ بلسان قومك ليسا بإخوة، فقال عثمان: لا أستطيع أن أردّ ما كان قبلي، ومضى في الأمصار، وتوارث به الناس. وسُئل عنها زيد بن ثابت فقال:"إن العرب تسمِّي الأخوين إخوة". راجع "سنن" البيهقي (٦/ ٢٢٧).
والذي يظهر من هذين الأثرين أن من العرب مَن يُطلق على الأخوينِ "إخوة"، فإن قول ابن عباس لعثمان:"في لسان قومك" يُفهِم بأن من العرب مَن يقول للأخوينِ إخوة، وإلّا لما خصّ ابن عباس لسانَ قريش، بل يقول: الأخوان ليسا إخوة.
فإن قيل: لعله أراد بقومه العرب.
قلت: هذا بعيد جدًّا، فإن القوم لم يكونوا يعرفون غير العربية، ولا يُتوهَّم أن يراعوا العجمية فيحملوا القرآن عليها دون العربية. ومع بُعْدِ هذا فلو كان المرادَ لكان الظاهر أن يقال:"في لسان العرب". وقد أكدَّ هذا ما رُوِي عن زيد، فإنه أثبت أن العرب تُسمِّي الأخوين إخوة، وقد خرجت من ذلك قريش بأثر ابن عباس. فإما أن يكون ما ذكره زيد لسان الأنصار فقط،