للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [مريم: ٥، ٦]. وقد يُعدَّى إليه بـ"من" كما في هذه الآية.

وقد يُعدَّى إليهما، كما في قوله سبحانه: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} إلى أن قال: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا} [مريم: ٧٧ - ٨٠].

وفي كلام أهل اللغة أن الأصل فيه أن يتعدى إلى مفعولين: الأول من كان له المال ونحوه، والثاني المال ونحوه، وأنه قد يُعدَّى إلى الأول بـ "من". وظاهر صنيعهم أنه سواء عُدِّي إلى الأول بنفسه أو بـ"من" فالمعنى واحد، والذي يشهد به الذوق ويدلُّ عليه {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} أن المعنى يختلف، وأنه إذا عُدِّي بنفسه كان المعنى على الإحاطة بجميع ما كان للموروث منه، وإذا عُدِّي بـ"من" كان على عدم الإحاطة، فزكريا سأل ولدًا يحيط بما هو له ويأخذ بعض ما هو لآل يعقوب، وكأن وجه ذلك أن الأصل تعدِّي الفعل إلى المال ونحوه، كما يدلّ عليه كثرة ذلك في الكلام كما مرَّ، فإذا عدِّي إلى مَن كان له المال ونحوه، فالمعنى على تقدير المال ونحوه. فإذا قيل: ورثتُ زيدًا، فالتقدير: ورثتُ مالَ زيد، وإذا قيل: ورثتُ من زيد، فالتقدير: ورثت من ماله، فإذا قيل: ورثتُ زيدًا مالًا، فالوجه أن يكون ضُمِّن ورث معنى فعلٍ آخر مثل سلب كما في قوله تعالى: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ} ضمِّن ــ والله أعلم ــ نرث معنى نسلب، أو يكون "مالاً" في قولك: "ورِثتُ زيدًا مالًا" منصوب (١) على الحال، لدلالة التنوين على الكثرة أو القلة،


(١) كذا في الأصل مرفوعًا.