والأصل: ورثتُ مالَ زيد حالَ كونه مالاً كثيرًا أو مالاً قليلًا. أو يكون زيدًا منصوبًا بنزع الخافض، والأصل: ورثتُ من زيد مالاً، فيقدَّر في كل موضع ما يليق به.
فإن أبيتَ إلّا ما يقتضيه صنيع أهل اللغة فإننا نقول: فالأصل أن يقال: ورثتُ زيدًا مالاً، بالتصريح بالمفعولين، فإذا حُذِف الثاني فقيل:"ورثتُ زيدًا" كان حذفه دالًّا على العموم، كما تقرر في الأصول أن حذف المعمول يُؤذِن بالعموم، فكأنه قيل: ورثتُ زيدًا كلَّ ما كان له.
فإن لم تقنَعْ فقد نصَّ أهل العلم على أن المفرد يعمُّ أجزاءه، فإن قيل: اشتريتُ عبدًا أو دارًا، كان المعنى على عموم الشراء، أي أنك اشتريت العبد كلَّه والدارَ كلَّها. واستثنى بعضُ الأجلَّة ما إذا كان الفعل مما يقلُّ في العادة شمولُه لجميع الأجزاء، كضربتُ زيدًا. وزعم ابن جني أن ضربتُ زيدًا مجاز، وإنما يكون حقيقةً لو شمِلَ الضربُ جميع أجزاء المضروب. فأما ورثتُ زيدًا فلا معنى لإرثِ جميع أجزائه إلّا إرثُ جميع أجزاء ما كان له، فتأمَّلْ.
ففي "فتح الباري"(١) في كتاب الفرائض: باب {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}: وقال السهيلي: "الكلالة من الإكليل ... ، ومن العجب أن الكلالة في الآية الأولى من النساء لا يرث فيها الإخوة مع البنت، مع أنه لم يقع فيها التقييد بقوله: "ليس له ولد"، وقُيِّد به في الآية الثانية مع أن الأخت فيها ورثت مع البنت. والحكمة فيها أن الأولى عُبِّر فيها بقوله تعالى: