{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ}، فإن مقتضاه الإحاطة بجميع المال، فأغنى لفظ "يورث" عن القيد، ومثله قوله تعالى:{وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} أي يحيط بميراثها. وأما الآية الثانية فالمراد بالولد فيها الذكر كما تقدم تقريره، ولم يُعبَّر فيها بلفظ "يورث"، فلذلك ورثت الأخت مع البنت".
أقول: وإيضاحه أن الكلالة اسم للقرابة بغير الولادة، أعني قرابةً غير الولد والوالد، وتُطلَق على .... ، فتقدير الآية: "وإن رجلٌ يرثه كلالة"، ففهم منه أن الكلالة يحيطون بماله، فعُلِمَ بذلك أنه لا ولد له ولا والد. وأما قوله تعالى:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} فمعناه: يفتيكم في الأقارب الذين ليسوا بولد ولا والد، والاسم يلزمهم مع وجود الولد والوالد، كما يلزمهم مع عدمهما، فلم يُفهم من هذا أنه لا ولد ولا والد. وقوله:{إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ} المرء عام، فيشمل من له ولد ووالد أو أحدهما، فلذلك قيَّده بقوله:{لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ}. وإنما لم يقل: "ولا والد" لأن الإخوة لهم ميراث مع الأب، ولكن يُعطاه الأب كما يأتي. ولكن ميراثهم قد يقصر عن المقدار المذكور هنا، وقد لا يبقى شيء، ففي صورة أب وأختين كان للأب الثلث وللأختين الثلثين (١)، فيأخذ الأب الجميع، فإذا كان مع هؤلاء زوج لم يبق بعد فرض الأب والزوج إلا السدس. وفي صورة أبوين وأختين وزوج لا يبقى شيء.
فإن قيل: فإن الأب يأخذ ما بقي بعد فرضه وفرض الأم أو الزوج على كل حال، سواء أكانت هناك أخوات أم لا.