وأما التفصيل فالجواب الأول دعوى بلا دليل، وليس في قوله تعالى:{وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} إشارة ما إلى أن المراد بقوله: {فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} أي ثلث ما أخذاه، بل المتبادر هو المطرد في آيات الفرائض وأحاديثها أن المراد ثلث التركة، والجملة الثانية مبنية على ما قبلها، وهي قوله:{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ}، والسدس هنا سدس التركة اتفاقًا، إذ لو كان المراد بالثلث ثلث ما أخذاه لكان المراد بالسدس هنا سدس ما أخذاه، وهو باطل اتفاقًا فيما إذا كان هناك أحد الزوجين.
وأما الجواب الثاني فيرد عليه أنه لا دليلَ على الحصر، لا من الطرق التي ذكرها البيانيون ولا من غيرها، فإننا نسلِّم أن الحق غير محصور في تلك الطرق، وأنك إذا قلتَ لإنسانٍ: من ورِثَ فلانًا؟ فقال: ورثَه أبواه، فَهِمَ الحصر، ولكن فَهْمَه هنا من جهة أن مَن الاستفهامية للعموم، فالاستفهام واقع عن جميع الورثة، والجواب مطابق للسؤال، فلما اقتصر المجيب على قوله: ورثه أبواه، كان ظاهر ذلك أنهما جميع الورثة، ولكن لا نجد في الآية ما يماثل هذه الدلالة أو يقوم مقامَها.
وقولكم:"إن الحصر مأخوذ من التخصيص الذكري كما تدلُّ عليه الفحوى" جعجعةٌ لا طِحْن، فإن التخصيص الذكري إنما يفيد الحصر حيث كان المقام يقتضي الاستيعاب، كما قدَّمنا في جواب "مَن ورث فلانًا"، وليس هنا كذلك، اللهمَّ إلّا أن تبنوا على القول بمفهوم اللقب، وهو قول ساقط بالاتفاق بيننا وبينكم.