للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسلَّم، ونقول: إن قوله تعالى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} كذلك، قولكم إن القصد من قوله: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} إنما هو ذكر وجود الأبوين دعوى غير مسلَّمة، فإن وجودهما قد علم من الجملة الأولى. والجواب الذي من طرف ابن عباس قد تقدم أن الكلام عليه يكون تأكيدًا، والتأسيس أولى منه، ويُرجّح قولنا التعبير بقوله: "ورث"، ولو كان الأمر كما قلتم لكان الظاهر أن يقال: "وله أبوان". قولكم إنه عدلَ عن ذلك لأن التعبير به غير جيد= غير مسلم.

نعم، لا ننكر أنه يقال: ورث فلانٌ فلانًا، وليس المعنى على العموم حتمًا، ولكن لابدَّ أن يكون هناك ملاحظة للعموم، وذلك كقوله تعالى: {وَهُوَ يَرِثُهَا} إذا حمل على معنى أنه عصبتها كما تقدم، وقدَّمنا أنه خلاف الأصل، فلا يُصار إليه إلّا بدليل، فإن أقمتم حجةً على أنه قد يقال مثلًا: مات فلانٌ وورثتْه زوجته" على معنى أنها ورثت فرضها فإننا نُسلِّم ذلك، ولكننا نقول: هذا المعنى أشدُّ في خلاف الظاهر، فلا يُحمل عليه الكلام ما دام المعنى الظاهر محتملًا، وقد يُوجَّه بأن الأصل: ورثتْ منه زوجته، ثم حُذِف حرف الجر، وسُلِّط الفعل على المجرور، كما في نحو: دخلتُ الدارَ.

وقولكم في الجواب الإجمالي: إنه لم يَدْعُنا إلى تكلف الجواب إلّا استبعادُ أن تأخذ الأمُّ ضعفَ الأب، وذكرتم جواب زيد بن ثابت، فقد جاء ذلك في رواية مختصرة، وجاء في أخرى أوضح منها: "عن عكرمة أرسلني ابن عباس إلى زيد بن ثابت أسأله عن زوج وأبوين، فقال زيد: للزوج النصف وللأم ثلث ما بقي وللأب بقية المال، قال: فأتيتُ ابنَ عباس فأخبرتُه، فقال ابن عباس: ارجع إليه فقُلْ له: أبكتابِ الله قلتَ أم برأيك؟ قال: فأتيتُه، فقال: برأيي، فرجعتُ إلى ابن عباس فأخبرتُه، فقال ابن عباس: