فهذا فصل الخطاب في الآية، وهو أنها محتملةٌ كلا القولين باعتراف أفرض الأمة وباعتراف حبرها، وهو صاحب القول المخالف للجمهور، فإن كلا القولين عمدتُه في ترجيح ما ذهب إليه الرأي، وفي ذلك شهادة عظمى من حبر الأمة لصحة احتمال الآية لما قلنا.
وأعظم منها اتفاق جمهور الصحابة ثم أئمة التابعين ومَن بعدهم، وبما ذكر يتم إجماع الصحابة على احتمال الآية لما قلناه وترجيح جمهورهم له، فلنقتصر على هذا وننظر في الرأي.
وأما المقام الثاني فقد تقدم ما ظهر من النظر من طرف ابن عباس، فقولكم أولًا: إن المعروف من سنة الفرائض أن الوارث الذي ينقص غيره ينقصه على كل حال، والأب لا ينقص الأم عند عدم أحد الزوجين، فلا ينقصها عند وجوده. فهذا معارض بأخصِّ منه، وهو أن الأم لا تفضل الأبَ في الصور المتفق عليها، فهي إما أن تأخذ مثله، وذلك مع الابن أو البنتين فأكثر، وإما أن تأخذ نصف ما أخذ، وذلك مع البنت وعند انفراد الأبوين، وهذا القياس أقوى من قياسكم، فإن غاية قياسكم أن هذه الصورة لا نظير لها في الفرائض، قياسنا يقول مثل قولكم، وهو أن هذه الصورة ــ أعني أن تأخذ الأم ضعفَ ما يأخذ الأب ــ لا نظير لها في الفرائض، ثم هو ناظرٌ إلى المعنى، وهو أن الأحكام المتفق عليها تدلُّ أن الأب أكثر حقًّا من الأمّ.
وأما قولكم: إن من شأن العصبة أن تختلف أحواله، فتارةً يحوز جميع التركة، وتارةً لا يبقَى له شيء، وتارةً يناله كثير منها، وتارةً قليل= فهذا حق في