يدلُّ أنه علم أن المدلِّس قد سمع الحديث ممن عنعنه عنه»، أو:«يدلُّ أن الراوي سمع هذا الحديث من شيخه قبل الاختلاط».
وإن كان مخالفًا له قال:«إن النافي كان أحفظ من المثبت»، و «الساكتين جماعةٌ، والذي زادَ واحدٌ»، و «أُعِلَّ بالإرسال والانقطاع، وبعنعنة المدلِّس، واختلاط الشيخ»، ولم يعرِّج على ما يخالف ذلك، أو أشار إليه، ونقل ردَّه عن بعض العلماء، وهكذا.
وهذه القواعد منها ما هو ضعيفٌ، ومنها ما ليس بكلِّيٍّ، ومنها المختلف فيه. والعالم المتبحر الممارس [٩١] للفنِّ هو الذي يصلح أن يحكم في ذلك، بشرط براءته عن الهوى، والتجائه إلى الله تعالى دائمًا أن يوفِّقه لإصابة الحقِّ.
وكثيرًا ما يحتجُّ المتأخرون بالحديث مع اعترافهم بضعفه، ولكن يستندون إلى ما قاله النوويُّ ــ وتبعه كثير ممن بعده من الشافعيَّة والحنفيَّة وغيرهم ــ أن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال ــ بشروطٍ ذكرها الحافظ ابن حجر وغيره ــ، وقد عارضه القاضي أبو بكر ابن العربيِّ ــ مؤلِّف أحكام القرآن وشرح الترمذيِّ وغيرهما ــ بأن الفضائل إنما تُتَلقَّى من الشارع، فإثباتها بالضعيف اختراع عبادة، وشرعٌ في الدين لما لم يأذن به الله (١).
ومما شُرط لجواز العمل أن لا يعتقد السُّنِّيَّة، أي الاستحباب، ذكره
(١) وضع المؤلِّف هنا علامة إلحاقٍ، لكنه لم يكتب شيئًا، ولعلَّه أراد الإحالة إلى الفتح المبين بشرح الأربعين لابن حجر الهيتمي: ٣٦، فإنه أورد نصَّ هذه العبارة، ونسبها إلى بعضٍ مبهم لم يفصح عنه، وجوَّز المعلِّمي في رسالة العمل بالحديث الضعيف أن يكون الهيتمي أراد بالبعض المبهم ابنَ العربي.