للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الله عزَّ وجلَّ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥].

هؤلاء القوم رأوا أن البيع والربا شبيهان, في كلٍّ منهما أخذ زيادة على رأس المال؛ فرأوا أن أخذ الزيادة إما أن يحرم في الموضعين، وإما أن يحلَّ فيهما، وهذا هو القياس، فردَّ الله عزَّ وجلَّ عليهم بأنَّ من الفرق بينهما أن الله تعالى أحلَّ أحدهما وحرَّم الآخر, أي فإن كانوا عَبِيدَه فليطيعوه ويكتفوا بذلك. وليس في هذا نفيُ أن يكون هناك فرقٌ آخر، وإنما فيه أن فريضةَ العبد طاعةُ ربه، وإن لم يفهم الحكمة.

وروى الدارميُّ عن الحسن أنه تلا هذه الآية: {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: ١٢، ص: ٧٦] قال: «قاس إبليس، وهو أوَّل مَن قاس».

وعن ابن سيرين أنه قال: «أوَّل مَن قاس إبليس، وإنما عُبِدَت الشمس والقمر بالمقاييس» (١).

وصدق؛ فإن عامَّة دين المشركين مبنيٌّ على المقاييس والرأي.

[٨٨] فمن ذلك: نسبتهم إلى الله سبحانه الولد، واتخاذهم بعض المقربين عنده آلهةً من دونه ليشفعوا لهم إليه.


(١) سنن الدارميّ، (المقدِّمة)، باب تغيُّر الزمان وما يحدث فيه، ١/ ٦٥، ح ١٩٥ - ١٩٦. [المؤلف].

قلت: وأثر الحسن في إسناده محمَّد بن كثيرٍ الصنعانيُّ، ومطرٌ الورَّاق، وفي كلٍّ منهما مقالٌ. أما أثر ابن سيرين ففي إسناده يحيى بن سُلَيمٍ الطائفيُّ، وهو صدوقٌ سيء الحفظ.