للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاحتجاج بالحديث كله.

[ص ٣٥] ثم ذكر الشارح قولهم: (إنَّ اتفاق الأمة على ترك حديث دليل نسخه أو خطأ رواته).

أقول: إنما يصلح هذا لدفع وجوب الزيادة على الفاتحة؛ لأنَّ الأمة اتفقت ــ فيما زعم الشارح ــ على عدم القول بها. فأما الفاتحة فجمهور الأمة قائلون بفرضيتها، وقال الحنفية بوجوبها؛ مع أنَّ دعوى الشارح اتفاق الأمة على عدم القول بما تضمَّنته تلك الأحاديث من الزيادة عجيب، فإنَّ مذهب أصحابه الحنفية أنفسهم أنَّ الزيادة على الفاتحة واجبة.

فإن قال: ظاهر الحديث أنها فرض؛ قلت: الحديث عندكم خبر واحد لا يثبت به إلَاّ الوجوب، وإن كان نصًّا في الفرضية.

وفي "الفتح" (١): "وصحَّ إيجاب ذلك عن بعض الصحابة ــ كما تقدَّم ــ وهو عثمان بن أبي العاص، وقال به بعض الحنفية، وابن كنانة من المالكية، وحكاه القاضي الفرَّاء الحنبلي في الشرح الصغير رواية عن أحمد".

ثم إنَّ الشارح اختار أنَّ الزيادة نسخت أولًا، واحتجَّ بحديث "الصحيحين" (٢)، عن أبي قتادة، وفيه: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب" الحديث.

وعليه تعقبات:

الأول: أنَّ الزيادة لم تثبت كما تقدَّم، وتوهين الرواية التي لم تثبت ثبوتًا


(١) (٢/ ٢٥٢).
(٢) البخاري (٧٧٦) ومسلم (٤٥١).