للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال البيهقي: ورواه سعيد بن منصور عن عون، وزاد فيه: "فأنزلها القصَّاص في القصص".

أقول: وعون بن موسى ذكره ابن حبان في "الثقات" (١).

[ص ٥١] ومجموع هذه الآثار أثبت من مجموع ما تقدَّم.

بقي أن يقال: دلَّت هذه الآثار على أنَّ هذه الآية نزلت عند تحريم الكلام في الصلاة. وقد ثبت في "الصحيحين" (٢) عن زيد بن أرقم قال: كنا نتكلَّم في الصلاة؛ يكلِّم أحدُنا صاحبَه وهو إلى جنبه في الصلاة؛ حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] فأُمرنا بالسكوت، ونُهينا عن الكلام. هذا لفظ مسلم.

لا مانع أن تنزل آيتان من سورتين في وقت واحد متفقتان في الدلالة على حكم، ولكن آية الإنصات مكية باتفاق، وآية القنوت مدنية باتفاق؛ فكيف تنزل آية الإنصات بالمنع من الكلام، ويبقى حلالًا بعد ذلك حتى تنزل آية القنوت؟

والجواب: أنَّ جماعة من أهل العلم تأولوا حديث زيد بن أرقم كما في "فتح الباري" (٣)، ورجَّحوا أن تحريم الكلام كان بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين قبل نزول آية القنوت بزمان؛ لأنها مدنية.


(١) (٧/ ٢٨٠).
(٢) البخاري (١٢٠٠، ٤٥٣٤) ومسلم (٥٣٩).
(٣) (٣/ ٧٤).