للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نزوله فاستمعوا له".

وكذا قال أبو السعود، ثم قال: "والآية إما من تمام القول المأمور به أو استئناف من جهته تعالى؛ فقوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ} على الأول عطف على {قل} ". (ج ١ ص ٥٤٦) (١).

[ص ٥٥] وحاصل ذلك أنَّ الآية من جملة ما أمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يقوله للكفار الذين يطلبون، الذين تقدَّم أنه إذا لم يأتهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بآية قالوا: {لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا}. فالخطاب بقوله: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} للكفَّار.

وقد أوضح ذلك في "روح المعاني" (٢) قال: "وقال بعضهم: إنَّ الخطاب فيها للكفَّار؛ وذلك أنَّ كون القرآن بصائر وهدى ورحمة لا يظهر إلَاّ بشرط مخصوص وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام إذا قرأ عليهم القرآن عند نزوله استمعوا له وأنصتوا؛ ليقفوا على معانيه ومزاياه، فيعترفوا بإعجازه، ويستغنوا بذلك عن طلب سائر المعجزات. وأيَّد هذا بقوله سبحانه وتعالى في آخر الآية: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}؛ بناء على أن ذلك للترجي، وهو إنما يناسب حال الكفار، لا حال المؤمنين؛ الذين حصل لهم الرحمة جزمًا في قوله تعالى: {وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.

وأجيب بأنَّ هذه الرحمة المرجُوَّة غير تلك الرحمة، ولئن سُلِّم كونها إياها فالإطماع من الكريم واجب، فلم يبق فرق".


(١) "إرشاد العقل السليم" (٣/ ٣١٠) ط. دار الفكر.
(٢) (٩/ ١٥٣).