للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ} [يونس: ٢٠].

{قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا} اصطفيتها واخترتها واقترحتها على ربِّك.

أخرج ابن جرير (١) عن ابن عباس: قوله: {لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا} يقول: لولا تقبلتها من الله. وعن قتادة: لولا تلقَّيتها من ربِّك.

وقال آخرون: لولا اخترعتها؛ وأيَّدوه بقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي} [الأعراف: ٢٠٣]، وهو مناسبٌ للأول؛ أي: ليس لي أن أقترح على ربِّي، وإنما عليَّ أن أتَّبع ما يوحيه إليَّ (٢).

ثم علم أنهم سيقولون: فهلَّا أنزلها ربُّك بدون طلبك؟ كما تقدَّم نحو ذلك في الآيات التي تلوناها. فأجيبوا عن ذلك بقوله تعالى: {هَذَا} أي القرآن، {بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} أي: كفى به آيةً لمن كان موطِّنًا نفسه على أن يتَّبع الحق إذا ظهر له.

ثم علِمَ الله تعالى أنهم سيقولون: فما بالنا لم يحصل لنا ذلك؟ ولا نسلِّم أننا معاندون؛ فقال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} أي: أنَّ السبب في كون ذلك لم يحصل لكم هو عنادكم؛ والدليل [ص ٥٧] على عنادكم قولكم: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} [فصلت: ٢٦]. فاستمعوا له وأنصتوا، فلا تَلْغَوا، ولا تأمروا باللغو؛ فإن فعلتم


(١) في "تفسيره" (١٠/ ٦٥٦).
(٢) في الأصل: "إليه".