للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك رُجِيَ أن يحصل لكم البصائر والهدى والرحمة. واقتصر على الرحمة لدلالتها على الباقي، مع أنها المقصود الأعظم للإنسان.

ولا مانع من تسليم ما تقدَّم عن "روح المعاني"؛ من أنَّ الإطماع من الكريم واجبٌ؛ فإنَّ الإطماع في الآية مشروط بالاستماع والإنصات.

ولنا أنَّ نقول: لو استمعوا وأنصتوا لهداهم الله تعالى للإيمان؛ فتحصل لهم الرحمة قطعًا. قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (٦٨) وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: ٦٨، ٦٩].

والكافر إذا استمع للقرآن وأنصت إليه، راغبًا في العلم به أهو حق أم لا، مصمِّمًا على أنه إذا عرف أنه الحق اتبعه، موطِّنًا نفسه على ذلك، منشرحًا صدره مطمئنًا قلبه، لا يجد في نفسه عداوةً لما يتبيَّن له أنه الحق= فهو مجاهدٌ في الله بلا ريب.

وبهذا تنحلُّ المعضلة المشهورة في الكافر إذا اجتهد في طلب الحق، وبذل وُسعَه في ذلك، راغبًا في معرفته، مُحِبًّا له، عازمًا على اتباعه إذا ظهر له، ولكنه لم يظهر له حقِّيَّة الإسلام= أيكون ناجيًا لأنَّ الله تعالى يقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} أم لا؟

حُكي الإجماع على أنه لا ينجو، وخالف فيه بعض أهل العلم. وآية المجاهدة تدلُّ أنَّ مثل هذا لا يوجد؛ لأنه إذا كان بهذه الصفة هداه الله تعالى للإسلام، ولله الحمد.

ويحتمل أن يكون قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} قيدًا لما قبله، أي